من مشاكل الطاقة النظيفة في المستقبل

عن طريق
في مقالات عامة

أتناول في هذا المقال هموم وتحديات المستقبل فيما يتعلق بمشاكل الطاقة النظيفة وتحديات التغير المناخي وسلامة البيئة وحرب المعادن النادرة.. لاسيما بعد تصريح لوكالة الطاقة الدولية بأن زيادة نصيب الطاقة المتجددة كبديل لمصدر الطاقة الأحفوري في مخرجات الكهرباء العالمية من 26% عام 2018 إلى 45% في عام 2045.


وفيما يبدو لي ستكون هناك حروب قادمة يكون الصراع فيها على المعادن النادرة المستخدمة في التكنولوجيا الرقمية وتكنولوجيا الطاقة الخضراء..

فالتوجّه إلى الطاقة الشمسية من أشهر وسائل الحصول على الطاقة النظيفة لاسيما في العشرين سنة الأخيرة، ومعروف أن مختلف الألواح الشمسية التي تم استخدامها في العشرين سنة الماضية غير صديقة للبيئة، وأن عمرها الافتراضي قد شارف على الانتهاء، وأن ذلك يشكل مشكلة كبيرة، وأن بعض الشركات باتت تفضل رميها رغم ما تحتوي عليه من معادن ثمينة كالفضة والنحاس.

هذه الألواح الشمسية للأسف تحتوي على بعض المواد السامة ويمكن أن تتسرّب إلى المياه الجوفية، وتؤذي الإنسان والنبات؛ كالرصاص الذي يؤثر بشكل مباشر على أدمغة الأطفال والكادميوم المسرطن!.

ومن أسف أنه يتم تصدير هذا الألواح الشمسية القديمة لدول العالم الثالث لإعادة تدويرها وفصل المعادن التي بها عن السيليكون، وهو أمر يحتاج إلى طاقة كبيرة ووقت.

ومن أسف أيضا أن هذه المشكلة ستزداد في الفترة القادمة عندما نضيف مشكلة تدوير البطاريات الحديثة الضخمة التي تستخدم في السيارات الكهربية كمحاولة ثانية بعد الطاقة الشمسية للحد من التلوث واستخدام طاقة نظيفة بدل مشتقات البترول في المحركات.. هذه البطاريات ضخمة الحجم ويتجاوز وزن بعضها نصف طن.

وطبعا من الصعوبة بمكان إقناع الأفراد والشركات بشراء المنتجات الأفضل للبيئة، سواء كان ذلك بسبب قلة الوعي أو الجشع الاقتصادي أو المنافسة التجارية الشرسة.

ولا يزال في عالمنا العربي من يعدون من يتحدث في مثل هذه القضايا وينبه على خطورتها أنه مبالغ أو يتكلم في أمور ليست مهمة أو فيما لا فائدة فيه.. علما بأن الكثير من عقلاء العالم لا سيما العالم الغربي يصرخون ويحاولون بشتى الطرق توصيل هذه التنبيهات وهذه الهموم لصناع القرار، لكن المؤسسات التجارية بسبب المنافسة التجارية الشرسة لا يصغون إليهم.

يتبقى أن نشير ولو من طرف بسيط إلى بعض الحلول المطروحة لتلك المشاكل وهي حلول موجودة في أوراق الأبحاث المنشورة وفي أروقة الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية؛ من هذه الحلول:
1- يمكن أن يتم تخزين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بتكلفة منخفضة ومن دون استخدام بطاريات ضارة مستقبلا، وذلك عن طريق قوالب خرسانية وهي طريقة هندسية ليس الآن مجال شرحها ولا الكلام عنها تفصيلا في هذه السطور، برفعها برافعات إلى أعلى على هيئة أبراج تخزن بها الطاقة وعند هبوطها من أعلى بفعل الجاذبية تولد طاقة السقوط الحركية كهرباء نظيفة، وبالفعل بدأت بعض الدول في تنفيذ ذلك مثل سويسرا.

2- يمكن استخدام تكنولوجيا تنقية الهواء بالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو مباشرة وتحويله إلى سائل واستخدامه في أغراض مفيدة.

3- تركيز حرارة الشمس لدرجات عالية من 1000 إلى 1500 درجة مئوية؛ حيث يمكن بها كسر جزيء الماء واستخلاص الهيدروجين الذي يعد طاقة نظيفة مهمة ومفيدة جدا.

4- تطوير استخدام المرايا الشمسية بواسطة برمجيات حديثة، تجعلها قادرة على تتبع الشمس وتجميع الحرارة وحفظها في صخور بخزانات معزولة وقابلة للنقل من بلد إلى بلد، ولم يكن ذلك متاحا قديما، أما اليوم في ظل التطور التكنووجي فقد أصبح أمرا ميسور.. أتذكر أننا كنا نستخدم في مشروع التخرج في أوائل التسعينات معادلة رياضية صعبة لنصل بأفضل اتجاه للوح الزجاج الذي تسقط عليه أشعة الشمس أطول وقت في اليوم حسب مسار الشمس على مدار العام، بيد أن ذلك أصبح اليوم في ظل التقنية الحديثة سهلا وميسورا.

5- التوجه مستقبلا لأن يتمكن كل شخص من إنتاج كهربته النظيفة الخاصة بتكلفة منخفضة وممارسة أنشطة تسهم في تخفيض انبعاثات الكربون الخطرة.

في نهاية الأمر؛ إن عالمنا العربي والشرق بصفة عامة لديه الفرصة المواتية لاستغلال الطاقة الشمسية المتوفرة عنده أكثر من غيره في إنتاج الطاقة النظيفة؛ إذ أن متوسط زمن سطوع الشمس لدى الغرب كله لا تقارن بمتوسط زمن سطوعها لدينا.

الكاتب/ م. ربيع الزواوي
مدير عام شركة أيزوتك لاستشارات نظم الإدارة وتكنولوجيا المعلومات

اقرأ ايضا